صابري يثير الجدل بـ”منصة مخالفات الشغل” .. ونقابيون يعددون الإكراهات

صابري يثير الجدل بـ”منصة مخالفات الشغل” .. ونقابيون يعددون الإكراهات

رغم تأييدهم “المبدئي” خطوة رقمنة شكايات الأجراء المرتبطة بالمخالفات المرتكبة في حقهم من قبل المشغّلين فإن فاعلين نقابيين مغاربة لا يبدون “حماسا كبيرا” لإمكانية نجاح المنصة الإلكترونية لتقديم هذه الشكايات، المرتقب أن ترى النور قريبا، وفق ما كشفه كاتب الدولة المكلف بالشغل هشام صابري، في “استقطاب عدد مهم من تظلمات الأجراء المعنيين”، أو “الحل المؤقت لإشكالية النقص الحاد في أعداد مفتشي الشغل”.

وكشف هشام صابري، كاتب الدولة لدى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات المكلف بالشغل، الإثنين الماضي في البرلمان، أنه “للخروج من مأزق ارتفاع نسبة الإضرابات المرتبطة بالحرمان من التصريح لدى الضمان الاجتماعي فإن الوزارة بصدد إعداد منصة إلكترونية سوف يتم عبرها التبليغ عن جميع المخالفات المرتبطة بالشغل، على رأسها عدم التصريح”.

وأوضح صابري، خلال حديثه في الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أن “أي أجير متضرر بإمكانه تقديم شكايته التي سيتم تتبعها من طرف مفتشي الشغل”.

فاعلون نقابيون تحدثوا لهسبريس لفتوا إلى أن “انتشار الأمية الرقمية في صفوف عدد كبير من الأجراء المغاربة سيكون عائقا أمام ارتفاقهم بهذه المنصة، خصوصا أن وضع الشكايات بها سيُصاحبه تقديم معطيات شخصية سرية تصعب مشاركتها مع آخرين لتقديمها”.

ويشدد هؤلاء على أن “هذه المنصة لا يمكنها أن تحل محل مفتشي الشغل، ولذلك فإن ما يتعيّن فعله هو توسيع صلاحيات الأخيرين، والتشدد مع المقاولات المخالفة، مع دفع إطار ‘الباطرونا’ إلى الضغط عليها لاحترام القانون”.

“سؤال التكوين”

بوشتى بوخالفة، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قال إن “إحداث منصة إلكترونية للإبلاغ عن المخالفات المرتبطة بالشغل، من حيث المبدأ، خطوةً إيجابية ومثمّنة، لكن نجاحها في استقطاب الشكايات والمساهمة في الحد من هذه المخالفات يواجه عدة تحديات”، مضيفا أن “في طليعة هذه الأخيرة أن آلاف العمال بالمؤسسات الإنتاجية المغربية أميون رقميا، وفئة عريضة منهم غير متمدرسة من الأساس”.

وأوضح بوخالفة، في تصريح لهسبريس، أن “هؤلاء لا يتقنون طرق الارتفاق بالمنصات الإلكترونية، وغالبيتهم لا يمتلكون حواسيب أو هواتف ذكية تمكّنهم من الولوج لوحدهم إلى المنصة، بما يضمن الحفاظ على سرية معطياتهم الشخصية”، مُشددا على أن “قطاعاً عريضا من هذه الفئة يتبنى أساساً الطرح القائل إن الأهم هو ضمان القوت اليومي فقط، ويُقلل من أهمية التصريح بالضمان الاجتماعي، الذي يعد الامتناع عنه من أكثر مخالفات المشغلين انتشارا”.

ولدى طرح هسبريس ملاحظة حول إمكانية تكفل الكتاب المحليين للنقابات بالمقاولات المخالفة بمساعدة العمال المعنيين على وضع شكاياتهم أكد الفاعل النقابي عينه أن “الكتاب المحليين للنقابات يمكنهم بالفعل تبسيط طريقة تقديم الشكاية عبر المنصة للمتضررين؛ لكنهم لا يملكون حق الاطلاع على المعطيات الشخصية السرية الخاصة بهؤلاء”، وزاد: “ما يتعيّن فعله هو تكوين العمال في طرق الولوج واستخدام هذه المنصة”.

وشددّ المصرح عينه على أن “الأهم في ما يرتبط بتقليص مخالفات عدم التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هو حزم الإدارة مركزيا وجهويا وإقليميا”، مضيفاً أن “ما يتسبب في انتشار هذه المخالفات هو عدم نجاعة المراقبة؛ بحيث لا يمكن لمفتش الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يتخذ أي قرار إلا بموافقة الإدارة العامة”، وشارحاً أنه “عندما توفد الأخيرة اللجنة الوطنية إلى المقاولة المخالفة لقانون الشغل فإنه يسجل نوع من المماطلة في العقاب”.

وأورد المتحدث أن “المراقبة أساسا لا تتم إلا عند تراكم الديون المستحقة على المشغل المتهرب من أداء الضمان الاجتماعي، أي في وقت يصعب عليه الأداء”، مردفا: “لذلك يلجأ هذا المشغل إلى الاستمرار في الامتناع عن الأداء، طمعا في إمكانية تنازل الصندوق”.

التشدد مع “الباطرونا”

خديجة الزومي، قيادية في نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، قالت إن “رقمنة تقديم الشكايات حول المخالفات المرتبطة بالشغل مهمة، لكن يجب أن يتم توضيح من سيعالج هذه الشكايات، وكذا تقديم حلول جذرية للحد من هذه المخالفات”، مبيّنة أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال تعويض الخصاص المريع في مفتشي الشغل بالمغرب بمنصة للشكايات”.

وأوضحت الزومي، في تصريح لهسبريس، أن “مهمة مفتشي الشغل ليست تلقي الشكايات الإلكترونية لأجراء المقاولات ومعالجتها”، معتبرةً أن “من بين الحلول التي يتعيّن على كاتب الدولة المكلفة بالشغل التفكير فيها هو مضاعفة عدد مفتشي الشغل، وتوسيع مهامهم وصلاحياتهم، ومنحهم قيمة اعتبارية؛ إذ نجد في الوقت الحالي أن أقصى ما يمكنهم فعله هو تلقي الشكاية والاتصال بالمشغل الذي غالبا لا يجيب عن مكالماتهم”.

وشددت الفاعلة النقابية عينها على أنه “حينما نتحدث عن 8 ملايين أجير في المغرب لا يتوفرون على التغطية الصحية فالأولى أن تتجه الوزارة إلى مطالبة الاتحاد العام لمقاولات المغرب بدفع الشركات إلى أن تصبح مواطنة أكثر وتقوم بالتصريح لدى مستخدميها”، مؤكدةً أن “إفلاس الصناديق في نهاية المطاف هو راجع إلى تملص هذه الشركات لا إلى الأجراء”.

ودعت القيادية في نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب إلى “ضرورة إلزام المقاولات الراغبة في الفوز بالصفقات العمومية أو التصدير والاستيراد بتقديم ما يفيد بتأديتها مبالغ الضمان الاجتماعي عن كافة أجرائها”، مبرزة أنه “بالنسبة للقطاع غير المهيكل فالدولة ككل مطالبة بمنحه تحفيزات ضريبية وتخفيضات حتى ينضم إلى القطاع المهيكل”.

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.