مربو الماشية يشتكون ارتفاع الأسعار.. وموجة الغلاء تمتد إلى عيد الأضحى

فيما تفصل خمسة أشهر تقريبا عن عيد الأضحى، بدأ يتضح شيئا فشيئا أن أسعار الأضاحي هذه السنة ستتخطى مستوياتها المسجلة السنة الفارطة، بعدما واصل مربو الماشية التأكيد على استمرار غلاء الأغنام المعدة لهذه الشعيرة الدينية؛ إذ تتراوح أثمنة السلالة التي تحظى بإقبال كثيف من قبل المغاربة، أي “الصردي”، ما بين 85 و120 درهما للكيلوغرام الواحد، حسب المنطقة، بما سيجعل الرأس الواحد يباع من لدن “الكساب” بما يصل إلى 7 آلاف درهم.

وبينما دأب مغاربة عدة على تقليد شراء الأضحية مباشرة بعد خروج شهر رمضان الكريم، تجنيبا لجيوبهم الكلفة المادية الثقيلة لتزامن عيد الأضحى مع بداية العطلة الصيفية، ورغبة في استباق غلاء أسعار المواشي في الأسابيع القليلة قبل “العيد الكبير”، يبدو أنهم “لن ينجو بدورهم هذه السنة من الغلاء، نظرا لكون أثمنة الأغنام ما زالت ملتهبة، رغم أنها بصمت على انخفاض طفيف ببعض المناطق في الآونة الأخيرة”.

وذكر المهنيون في تفسيرهم للارتفاع الحاصل في أثمنة المواشي أن “التساقطات المطرية الضعيفة المسجلة هذه السنة لم تنجح في تخفيض أسعار الأعلاف والكلأ؛ إذ إن ثمن البرسيم على سبيل المثال يصل إلى 110 دراهم بالنسبة للحزمة (البالة)”، مؤكدين أنه يأتي “رغم وجود ظروف من المفترض أن تساهم مبدئيا في الانخفاض، تتمثل في تردد المستثمرين بسبب الشائعات حول إلغاء عيد الأضحى هذه السنة”.

وقال علاء الشريف العسري، مربي ماشية بمدينة القصر الكبير، إن “أسعار المواشي بصمت على انخفاض طفيف في الآونة الأخيرة، بعدما كانت سلكت منحى تصاعديا طيلة الفترة التي أعقبت عيد الأضحى المبارك، نظرا لأن المستثمرين تشجعوا على الشراء أمام رؤيتهم لغلاء الأغنام والبقر الذي رافق هذه المناسبة الدينية”.

وأوضح العسري، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الانخفاض الطفيف لم ينزل أسعار الأغنام خلال الفترة الحالية عن مستواها المسجل في الفترة نفسها من السنة الماضية”، مفيدا بأن “الكسابة يشترون الصردي المجهز لعيد الأضحى حاليا بـ120 درهما للكيلوغرام الواحد، على أن ثمنه إجمالا لا يقل عن 3500 درهم”.

وأكد “الكساب” نفسه أن “هذا الثمن ملتهب أساسا، وإذا أضفنا إليه مصاريف تربية الرأس الواحد خلال الأشهر المتبقية لعيد الأضحى، والتي لا تقل عن 800 درهم، فإن التكلفة على الفلاح تبقى مرتفعة بشكل كبير مثلما كانت السنة الماضية”، مبرزا أن “ذلك يأتي موازاة مع تخوف عدة كسابة ومستثمرين من إلغاء عيد الأضحى، إثر رواج شائعات بهذا الشأن”.

ودعا المتحدث في هذا الصدد وزارةَ الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات إلى “إصدار بلاغات توضيحية أو الخروج بتصريحات رسمية لإنهاء الضبابية بشأن مصير الشعيرة الدينية المذكورة هذه السنة”، مشددا على أن “إلغاء عيد الأضحى سوف يضر بشكل كبير بالكسابة؛ إذ سيتكبدون خسائر فادحة، ما قد يدفعهم إلى الإحجام عن الاستثمار في السنوات الموالية”.

ولم ينف مربي الماشية بمدينة القصر الكبير أن “من شأن الإلغاء تخفيف الضغط على القطيع الوطني”، مبرزا أنه “لذلك، فإن الوزارة المعنية توجد حاليا بين ناري الكساب والكسيبة”، بتعبيره، مصرا على “الحاجة إلى طمأنة الكسابة والمستثمرين بهذا الخصوص”.

وفي منطقة شيشاوة “يشتري الكسابة والمستثمرون أغنام الصردي بـ85 درهما للكيلوغرام الواحد، وبركي تمحضيت بـ75 درهما، فيما يصل ثمن رؤوس البقر إلى 90 درهما للكيلوغرام”، وفقا لميلود الرماح، فلاح ومربي ماشية بالمنطقة، مؤكدا أن “أثمان الأضاحي هذه السنة ستبصم على الغلاء نفسه الذي سجلته السنة الفارطة”.

واستحضر الرماح، في تصريح لهسبريس، أن “الكساب غالبا ما يفقد نحو 7 في المئة من قطيعه إما بسبب الأمراض أو الحوادث المختلفة”، شارحا أنه “بالنظر لهذه الخسارة، فإن الرأس الواحد الذي يشتريه المربي بـ4350 درهما مثلا تصبح تكلفته 4500 درهم، على أن تكلفته النهائية باحتساب مصاريف التربية تصل إلى حوالي 6500 درهم”.

اعتبارا لهذه المعطيات، توقع المصرح بأن “تتراوح أثمنة الخرفان بالمنطقة عند اقتراب عيد الأضحى المبارك ما بين 3000 و7000 درهم للرأس الواحد، حسب السمنة والسن”، مؤكدا أن “عرض الأغنام سيكون متوفرا بشكل أكبر مقارنة بالسنة الماضية، خصوصا أن نحو 70 في المئة من المواشي التي تم استيرادها العام الماضي لم يتم بيعها، إلا أن الأثمنة في نهاية المطاف ستظل ملتهبة”.

وفسر الرماح هذه “المفارقة” بكون “التساقطات المطرية غير الكافية هذا الموسم لم تنجح في كبح أسعار كلأ وأعلاف الماشية التي مازالت تحلق في مستويات عليا”، مفيدا بـ”انتقال سعر النخالة من 21 درهما خلال الأسبوع الماضي إلى 29 درهما في الأسبوع الجاري، ووصول التبن (البالة) إلى 70 درهما والبرسيم (الفصة) إلى 110 دراهم”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *