بعد أشهر من الموسم الدراسي الحالي تمكنت خلالها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بمعية النقابات من تنزيل نسبة مهمة من مقتضيات النظام الأساسي لموظفي الوزارة، من خلال آلية اجتماعات اللجان التقنية، يبدو أن كيفية سير الحوار بين الطرفين لم تعد ترضي الجامعة الوطنية للتعليم العضو في الاتحاد المغربي للشغل، التي أعلنت مقاطعتها وانسحابها النهائيين من جلسات هذا الحوار.
وتكفل لقاء الجمعة، الذي انكبت اللجنة المشتركة المركزية بين الطرفين على ترقية المتصرفين التربويين وملف مختصي الاقتصاد والإدارة بإنفاد صبر الجامعة الوطنية للتعليم، التي فوجئ وفدها في اللجنة “بالعبث الذي بات يسود جولات الحوار القطاعي، ومحاولة الوزارة الوصية إفراغها من قيمتها الاعتبارية بإقحام أشخاص لا علاقة لهم بالتنظيمات النقابية الأكثر تمثيلية، وفرض حضورهم في جلسات التفاوض بمنطق تليين خواطر بعض الفئات على حساب أخرى”.
وأوردت الجامعة في بيان، توصلت به هسبريس، أن ذلك يتم “بمباركة من الكاتب العام للوزارة، الذي ثبت تورطه في تمطيط الاجتماعات بغرض ربح الوقت وامتصاص غضب الفئات المتضررة، وانحيازه المفضوح لبعض الأطراف لتصفية حسابات نقابية ضيقة تتعارض والمصلحة الفضلى لنساء ورجال التعليم”.
وقالت النقابة التعليمية الأكثر تمثيلية إنها لاحظت “بعض السلوكات غير المسؤولة، التي صدرت عن بعض الحاضرين في اجتماع اليوم الجمعة 24 يناير 2025 وفق الدعوة التي توصلت بها الجامعة”، مقررة “الانسحاب من جلسات الحوار القطاعي”، مع تحميل “الوزارة الوصية كامل المسؤولية فيما ستؤول إليه الأمور”.
وعن دواعي هذا الانسحاب أوضح ميلود معصيد، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، أن “الجميع ناضل من أجل إخراج النظام الأساسي لكي يكون منصفا لجميع الفئات، واتفق على أن يطرح كل مقتضى من مقتضياته على حدة من أجل حله بدون مزايدات”، قبل أن يضيف “اليوم ترسخ أن الكاتب العام للوزارة يميل بشكل غير مسؤول نحو جهة نقابية معينة”.
ولدى سؤاله حول ماهية هذه الجهة، أشار المتحدث ذاته إلى الجامعة الحرة للتعليم، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابية لحزب الاستقلال، مضيفا “يجب استحضار طبيعة انتماء الكاتب العام”. فيما أكد لهسبريس مصدر مطلع، رفض الكشف عن هويته، أن النقابة المذكورة هي المعنية.
وأورد معصيد، في تصريح للجريدة، أن الجامعة الوطنية للتعليم فوجئت بكون “المنطق الانتخابي بات حاضرا في التعاطي مع ملفات الفئات التعليمية، خصوصا أن هناك انحيازا لنقابة معينة، والكل يعرف هذا”، مشيرا إلى أن “لقاء اليوم بدا أشبه بسوق عكاظ، لم يكن النقابيون يعلمون مع من يجلسون، حيث حضر غرباء عن التمثيلية النقابية هذا اللقاء”. وأشار، فيما بدا تلميحا مرة أخرى إلى نقابة الجامعة الحرة للتعليم، إلى أن من أتى بهؤلاء فعل ذلك لأغراض انتخابية.
وشدد على “عدم وجوب استغلال الفئات التعليمية لأغراض انتخابوية، بل يتعين تمكينها من حقوقها المشروعة والمستحقة المضمنة أساسا في النظام الأساسي، الذي ساهمت جميع النقابات في انتزاعه”.
وأضاف معصيد ساردا معطيات أخرى أججت “غضب” رفاق مخاريق في التعليم أن “أدبيات الحوار تقتضي أن من يتعين أن يتناول الكلمة في اللقاء هي النقابة الأكثر تمثيلية، غير أن الكاتب العام للوزارة لا يحترم هذا المقتضى، بل أعطى الكلمة الأولى إلى نقابة أخرى”، مردفا أن “كافة المعلومات المرتبطة بالقرارات والمذكرات الوزارية تسربت إلى النقابات التعليمية، لكنها لم تصل الجامعة الوطنية للتعليم”.
جريدة هسبريس الإلكترونية عرضت هذه المعطيات على مصدر مأذون من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة من أجل سماع رد الوزارة وكاتبها العام عليها، فوعد بتوفير إجابات بشأنها، غير أنه لم يتسن ذلك إلى حدود كتابة هذه الأسطر، مع تأكيده الموافاة بها حال توفرها.
وكان مصدر مطلع وعليم بما جرى في لقاء اليوم قد أكد لهسبريس أن النقابة المعنية هي الجامعة الحرة للتعليم، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، حيث قال إن امتعاض وفد الجامعة كان أساسا من حضور وفد عن جمعية تمثل المتصرفين التربويين، مشيرا إلى أن ما جرى السير عليه هو أن اجتماعات اللجان تضم وفود النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية والوزارة فقط.
وأضاف أنه خلال اللقاء لدى طرح صفة حضور الجمعية، التي تمثل المتصرفين التربويين ومبرراته، “قالت إن وفد الجامعة الحرة للتعليم دافع عن ممثلي الجامعة وصرّح بأنهم مغه”.