‬زيادة الطلب على مياه الشرب بحلول سنة 2050 تطرح “تسريع التحلية”

تطورات متسارعة من المرتقب أن يشهدها الطلب على الماء الشروب في عدد من الأقاليم المغربية، خصوصاً تلك المنتمية إلى جغرافيات الجنوب والجنوب الشرقي للمملكة، بما يشمل أقاليم جهتيْ كلميم واد نون ودرعة تافيلالت، خاصة مع التطورات الجارية نتيجة ديناميات التوسع الحضري والنمو السكاني.

وبالموازاة مع ارتفاع الطلب على مياه الشرب تبرز “ندرة الموارد المائية” بمعظم هذه المناطق التي تعاني، أصلاً، من محدودية الموارد المائية بسبب الجفاف وقلة التساقطات، خاصة بعد أن صار الجفاف معطى هيكلياً في السياسات العمومية للماء، باعتراف الجهات الرسمية؛ هذا علاوة على ما تطرحه التغيرات المناخية من احتمالات “متشائمة” بشأن “تفاقم أزمة المياه نتيجة نقص مصادر المياه التقليدية”.

“زيادة تدريجية”

بيانات حديثة نقلتها البوابة الإلكترونية “الما ديالنا”، التابعة لوزارة التجهيز والماء، كشفت عن توقعات دالة حول الطلب على مياه الشرب في عدة أقاليم واقعة بالحوض المائي “درعة واد نون” خلال العقود القادمة، “ما يعكس زيادة تدريجية في الاستهلاك نتيجة للنمو السكاني والتطور الحضري”، بحسبها.

وفي التفاصيل تتوقع البيانات ذاتها، التي طالعتها هسبريس، أن يتضاعف الطلب على الماء الصالح للشرب في إقليم كلميم بحوالي 8 أضعاف بحلول سنة 2050 (أي خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة).

الأرقام الرسمية لوزارة الماء تشير إلى تضاعف الاحتياجات المائية لتصل إلى 8,57 مليون متر مكعب بحلول عام 2050، “ما يشير إلى زيادة ملحوظة في الطلب على مياه الشرب”، حسب البوابة ذاتها.

أما مجموع مياه الشرب في إقليم سيدي إفني فيُرتقب أن يصل إلى 1,9 مليون متر مكعب عام 2050، مقارنة بـ 0,99 مليون متر مكعب فقط المسجلة خلال 2020، ما يؤشر على “تزايد مطّرد” في الاحتياجات المائية.

ومن 0,85 مليون متر مكعب في 2020 إلى 3,67 مليون متر مكعب في أفق العام 2050 فإن إقليم طانطان سيعرف بدوره زيادة ملحوظة تنبه إلى أهمية التخطيط لـ”مواجهة الطلب المستقبلي”. أما إقليم أسا الزاك فتوقعت معطيات البوابة الرسمية لأخبار الماء أن يستهلك 1,83 مليون متر مكعب في 2050، بعدما كان يناهز 0,44 مليون متر مكعب في 2020، واصفة ذلك بـ”تحول كبير يعكس تزايد الاحتياجات المائية”.

إقليم زاكورة سيشهد بدوره ارتفاعا من 3,11 مليون متر مكعب في 2020 إلى 6,27 مليون متر مكعب في 2050. وبالتدريج سيَسير منحى الطلب على مياه الشرب في إقليم طاطا ليبلغ 5,03 ملايين متر مكعب بحلول 2050، مقارنة بـ 2,89 مليون متر مكعب في 2020، أي ما يناهز الضعفيْن.

التحلية والتخطيط الإستراتيجي

في تعليقه وقراءته لهذه الأرقام ودلالاتها أكد محمد بازة، خبير دولي في تدبير الموارد المائية، أن “الطلب الحالي على مياه الشرب في المناطق والأقاليم المذكورة، مثل كلميم، سيدي إفني، طانطان، طاطا، وزاكورة يبقى ضمن الحدود المعقولة، لأن الاستعمال الحالي هو أقل من 10 ملايين متر مكعب سنويًا (9,25 تحديدا)”.

بازة سجل، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “التوقعات الحالية تشير، حسب المبرمج، إلى أن يتضاعف الطلب على المياه الصالحة للشرب ليصل إلى أكثر من 27 مليون متر مكعب سنويًا؛ وهي الكمية التي ليست بالكبيرة، وربما تكفيها قدرة محطة واحدة لتحلية مياه البحر لتلبية الاحتياجات، غير أن المسافات البعيدة قد تحتّم الربط بأكثر من محطة”.

واستدل خبير الموارد المائية بأن “المبرمج ضمن المشاريع الحالية أن يتم تشييد 3 محطات للتحلية قبل حلول 2030 في كل من تارودانت – تيزنيت، وكلميم، وأخرى في طانطان”، مشددا على أن “الحاجة قد تبرز مع توالي السنين الجافة إلى محطات أخرى مرتقبة على طول الساحل الأطلسي لمواجهة الطلب المتزايد ومواكبة ارتفاع وتيرة استهلاك المياه”، وتابع بأن “المناخ في هذه المناطق جاف وصحراوي في معظم شهور السنة، مع هطول أمطار ضعيفة، ما يجعل الاعتماد على السدود غير كافٍ”.

وبينما توفر المنشآت المائية، خاصة “سد المنصور الذهبي” و”سد أكدز”، المياه لمنطقة زاكورة، فإن “المناطق الأخرى بحاجة إلى محطات تحلية إضافية لتلبية الاحتياجات”، وفقاً لتقدير بازة، الذي شدد ضمن التصريح ذاته على أن “يشمل التخطيط الإستراتيجي طويل ومتوسط الأمد البنية التحتية والتوسع السكاني والتنمية المتكاملة في أبعادها”، مردفا: “يجب توفير الخدمات الأساسية وفرص العمل لمنع هجرة السكان إلى مناطق أخرى”.

ولفت الخبير المائي إلى أن “الاعتماد على محطات تحلية مياه البحر سيكون الحل الرئيسي لتلبية احتياجات المياه في أقاليم حوض درعة واد نون”، مع ضمان أن تتم “التنمية المستدامة لمختلف الحواضر الكبرى بما يساعد في خلق فرص للشغل وتمكين السكان من الاستقرار”، خاصة في جهة كلميم التي تتوفر على إمكانيات كبيرة من حيث إنتاج الطاقات المتجددة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *