سعيد قبيسي… من بيروت إلى العالمية في عالم الموضة

سعيد قبيسي… من بيروت إلى العالمية في عالم الموضة

نغوص في أعماق العالم الإبداعي للمصمّم اللبناني سعيد قبيسي، الذي يعكس فخامة الأناقة اللبنانية ويمزج بين التراث والحداثة. سعيد قبيسي، الذي بدأ رحلته في عالم الموضة منذ سنوات طويلة، استطاع أن يضع بصمته الخاصة في تصميم الأزياء، ليصبح اسمه مرادفاً للابتكار والجمال. في هذا الحوار، يشاركنا قبيسي قصة شغفه العميق بعالم الأزياء، التحديات التي واجهها في بداية مسيرته، فلسفته الفريدة في التصميم، وكيف ينجح في إموقعنام النساء حول العالم ليحتفلن بجمالهنّ الداخلي والخارجي. كما يسلّط الضوء على مصادر إموقعنامه، تأثير الثقافة اللبنانية في أعماله، وأحدث مجموعاته التي تبهر الجميع بلمساتها الفنية الراقية.


– حدّثنا عن رحلتك في عالم الموضة؟ ما الذي أشعل شغفك بالتصميم؟

كان والدي يمتلك بوتيكاً متخصّصاً في فساتين السهرة، وهو ما أثار اهتمامي بقصّات الفساتين وأنماطها وأقمشتها المختلفة. أصبحت مفتوناً بكيفية تكامل الأشكال المختلفة مع أسلوب كل امرأة وشخصيتها. هذا الشغف دفعني لدراسة تصميم الأزياء. وعندما شعرت بأنني جاهز لتحقيق أحلامي، أسّست دار الأزياء الخاصة بي وافتتحت أول «أتيليه» لي في بيروت عام 2002، وكان ذلك بداية رحلتي.

– ما التحدّيات التي واجهتها في بداية مسيرتك وكيف تغلّبت عليها؟

واجهت العديد من الصعوبات على مر السنين، ولكن بمزيج من الأمل والتفاؤل، تمكّنت من التغلب على كل التحدّيات وتحويموقعنا إلى إنجازات.

– كيف تصف فلسفتك في التصميم؟ وما الذي يميّز أعمالك عن باقي المصمّمين؟

فلسفتي في التصميم تركّز على تكريم رموز الأنوثة التي تتناغم بشكل عميق مع النساء. أؤمن بأن الأسلوب يجب أن يتجاوز الجمال الخارجي ويعكس الشخصية الداخلية للمرأة وحيويتها وأنوثتها. من خلال تبنّي الإبداع الواثق والخروج عن الحدود التقليدية، أسعى لتمكين النساء من الاحتفال بفرادتهن بأناقة وقوة وشغف. ما يميز أعمالي هو أصالتها وتركيزها على تعزيز الجاذبية الخارجية وكذلك الجوهر الداخلي للمرأة. بالنسبة إليّ، الأسلوب الحقيقي هو انعكاس للشخصية، متجذّر في العقلية الأنثوية.

– ما الذي يُلهم مجموعاتك؟

مجموعاتي مستوحاة من العلاقة المعقّدة بين الجسم، القوة، والأنوثة. خط الكوتور مصمَّم للاحتفال بالأنوثة القوية من خلال تناغم الأشكال النحتية، والقوام، والألوان التي تجسّد القوة والنعومة. كل تصميم يُنفّذ بحِرفية، حيث تمتزج الأشكال التجريبية، والأقمشة الفاخرة، والزخارف المعقّدة لسرد قصة بطلة العلامة. أما الخط الجاهز للارتداء فيصمَّم للحركة، حيث يجسّد الأناقة والقوة مع الحرية والرقي. كل قطعة تحمل سرداً، وغالباً ما تكون مستوحاة من جمال الحضارات المختلفة، والمناظر الطبيعية، أو من قوة المرأة العصرية.


– هل يمكنك مناقشة بعض الفنانين أو المصمّمين أو الحركات التي أثّرت في عملك؟

لقد كانت قدرة Christian Dior على خلق أشكال خالدة، ممتزجةً بالأناقة الدائمة والتركيز على الأنوثة، مصدرَ إموقعنامٍ دائماً لي. أنا مفتون بشكل خاص بتفانيه في الهيكل والطريقة الفريدة التي يمزج بها بين الرقي والقوة في أعماله. بعيداً من Christian Dior، أنا أستوحي من الحركات التي تحتفل بتمكين المرأة والفنانين الذين يستكشفون العلاقة بين الجمال والفردية.

– كيف تؤثر الثقافة النابضة بالحياة في لبنان في جمالية تصميماتك واختياراتك؟

تؤثّر الثقافة اللبنانية النابضة بالحياة، التي تقدّر الجمال المتقن والتفاصيل الدقيقة، بشكل عميق في جماليتي واختياراتي التصميمية. تركّز تقاليد الأزياء الشرق أوسطية على الفخامة والمكانة، والتي تعبّر عن نفسها من خلال الحِرفية الدقيقة والتصاميم الفاخرة. هذا الثراء الثقافي يُلهمني لدمج القوام والأشكال التي تحتفل بالفن والحِرفية، مع إظهار الأشكال الجريئة والأقمشة متعددة الطبقات التي ترمز إلى روح التراث اللبناني وصموده. الزخارف المعقّدة والمواد الفاخرة التي أختارها تجسّد الأناقة والرفاهية، مع تكريم الصمود المتأصّل في ثقافتنا. يشعر المصمّمون اللبنانيون بأنهم في منزلهم على خشبة عرض الأزياء في باريس، حيث يتناغم شغفنا بالجمال مع فلسفة الأزياء الراقية.

– هل يمكنك أن تشاركنا تفاصيل عن مجموعتك الأخيرة؟

تجمع مجموعة الأزياء الجاهزة للارتداء لخريف وشتاء 2024-2025 بين الفن والابتكار، حيث تربط بين سحر النقاط المستوحاة من فن النقطة ودقة التصميم الرقمي. تتضمن المجموعة 60 إطلالة مصمَّمة بعناية عبر فساتين السهرة، والكوكتيل، والملابس اليومية، حيث يتم إنشاء كل قطعة لتوازن اللون والملمس بشكل جميل. تتميز المجموعة بلوحة غنية من الألوان الموسمية مثل الأخضر، الأزرق، العنابي، المرجاني، الأسود، والأبيض العاجي، مما يعكس دفء الشتاء وأناقته. أقمشة مثل الكريب، المخمل، الأورغانزا، والتافتا تضيف عمقاً وفخامة، مما يخلق تجربة حسّية متطوّرة.


– ما هي المواد والتقنيات التي استخدمتها في هذه المجموعة، وكيف تعكس رؤيتك؟

في هذه المجموعة، استخدمنا مواد مثل الكريب، الكريب جورجيت، المخمل، والتافتا كأساس، وأضفنا التول المطرّز والمزيّن بالخيوط لزيادة التألّق. تقنيات مثل التطريز بالأحجار، والتطبيق، والطيّات، والخياطة الدقيقة تمنح كل قطعة الهيكلية والسيولة في آن واحد. ابتكرنا أنماطاً تشبه الكوكبات من النقاط مع تطريزات دقيقة وأعمال خرز. هذه الخيارات تؤكد التزامنا بالحِرفية والابتكار، مع مزج الأسلوب الكلاسيكي بلمسة عصرية لتعكس رؤيتنا للأناقة المعاصرة.

– كيف تتعامل مع الموضة الاحتفالية؟ وما الذي يجعل القطعة حقاً احتفالية؟

الموضة الاحتفالية هي عن التقاط دفء الموسم، أناقته، ولمعانه. تجسّد مجموعتنا هذه الروح من خلال لوحة ألوان وأقمشة فاخرة تنبض بالحياة في التجمعات الاحتفالية. تضيف الأعمال الدقيقة من الخرز والأنماط المستوحاة من الكوكبات لمسة من سحر الشتاء، مما يثير إحساساً بالأناقة. القطعة الاحتفالية الحقيقية يجب أن تجمع بين الرقي والتنوّع، مما يسمح لمرتديها بالتألق بثقة في أي مناسبة، من التجمعات الحميمة إلى الاحتفالات الكبرى.

– ما أكثر لحظة مجزية في مسيرتك حتى الآن؟

أكثر لحظة مجزية في مسيرتي حتى الآن كانت شرف تصميم فستان مخصّص لصاحبة الجلالة الملكة رانيا العبد الله. كانت عملية التصميم مستوحاة من أناقتها وحضورها الاستثنائي، وهو ما شكّل تحدّياً مثمراً يتطلب اهتماماً دقيقاً بالتفاصيل. كل عنصر في الفستان من الغرز والزخارف إلى اختيار الألوان والقصّات تم تصميمه بعناية لتعزيز أناقتها الطبيعية ورقيها. كان هذا التحدي يجمع بين الإبداع والدقة، ولم يكن فقط تكريماً للمناسبة، بل أيضاً علامة فارقة أعتزّ بها في مسيرتي.

كما أن افتتاح صالتنا الجديدة في باريس يمثّل مرحلة مثيرة في مسيرتنا، ونحن نتطلع إلى التوسّع في أبرز خمس عواصم عالمية في مجال الموضة.

– كيف تحافظ على إبداعك وتحفّز نفسك في صناعة تنافسية؟

للحفاظ على تحفيزي، أذكّر نفسي دائماً بتأثير عملي، سواء كان ذلك من خلال تمكين شخص ما بتصميم أو إحياء قصة فريدة من خلال الأقمشة والأشكال. علاوةً على ذلك، فإن احتضان التحديات واستكشاف تقنيات جديدة يبقي أعمالي حيةً وديناميكية. بالنسبة إليّ، كل مجموعة هي فرصة للنمو والتجربة وجلب شيء ذي مغزى إلى عالم الموضة.


– ما النصيحة التي تقدّمها الى المصمّمين الطموحين الذين يتطلعون إلى ترك بصمتهم؟

الموضة هي تجسيد للفردية، لا مجرد تقليد لما هو رائج. كمصمّم أزياء، دورك لا يقتصر على إنشاء الملابس فقط؛ بل لديك القدرة على جمع الأفراد المختلفين للاحتفال بفرادتهم. تابع أحدث التقنيات، واستخدمها بحكمة، ودعها تعمل لصالحك من دون أن تفرض نفسها عليك. لا تخَف البدء من نقطة صغيرة، ولكن ضع هدفاً قابلاً للتحقيق.

– ما هي خططك المستقبلية؟ وهل هناك مشاريع أو تعاونات جديدة تثير حماستك؟

ترقّبوا مشاريع جديدة مثيرة في المستقبل!

خريج كلية الإعلام جامعة الإسكندرية عام 2012، متخصص في الصحافة التقنية والترفيهية، شغوف بمتابعة أحدث الابتكارات وقصص الإبداع في عالم التكنولوجيا والفنون.