رغم عقوبات القانون المغربي .. سلامة الممتلكات العمومية في مهب الريح

رغم عقوبات القانون المغربي .. سلامة الممتلكات العمومية في مهب الريح

أعاد تخريب مرافق صحية عمومية بمدينة الدار البيضاء، خلال الأيام الماضية، إلى الواجهة نقاش استمرار ظاهرة تخريب المرافق والتجهيزات ذات الصبغة العمومية، مما يتسبب في عرقلة تقديم خدماتها، ولا يتماشى مع مطالب توفير المرافق العمومية لصالح المواطنين.

وطالب قانونيون ومهتمون بالموضوع بـ”استحضار النصوص القانونية ضمن مجموعة القانون الجنائي المتعلقة بمعاقبة مخرّب مرفق عمومي معين”، منتصرين لفكرة أن “ما لا يدرك بالقانون يدرك بمزيد من القانون”، على الرغم من كون هذه العقوبات المنصوص عليها “لا تحقق الردع العام”، وفق تعبيرهم.

وعلى سبيل المثال، ينص الفصل 595 من مجموعة القانون الجنائي على أنه “يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم من هدم أو كسر أو خرّب أو عيّب، عمدا شيئا مما يأتي: بناء أو تمثالا أو رسما أو أي شيء آخر مخصصا للزينة والمنفعة العمومية أنشأته أو وضعته السلطة العامة أو أذنت به، بناء أو تمثالا أو رسما أو شيئا ما له قيمة فنية موضوعا في متحف أو مكان مخصص للعبادة، أو أي مبنى مفتوح للجمهور”.

واعتبر متحدثون لهسبريس أن “العقوبات التي تنص عليها فصول القانون الجنائي تبقى في حدود اعتبار تخريب الممتلكات العمومية بمثابة جنح، بينما ترقى في حالات إلى درجة جنايات”، مشددين على أن “إعمال القانون في حق كل من ثبت تخريبه ممتلكات عمومية ضروري، لكون ذلك يحرم المواطنين من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها”.

وقال محمد ألمو، خبير قانوني محام بهيئة المحامين للرباط، إن “مقتضيات القانون الجنائي تجرم تخريب شيء مخصص للمنفعة العمومية. وبالتالي، فالأشخاص الذين يقومون بمثل هذه المسائل يعرضون أنفسهم للعقوبات التي تم تحديدها من قبل المشرع، والتي تمثل جنحا يمكن أن تتحول إلى جنائية إذا ما كان الفعل بمثابة سرقة موصوفة على سبيل المثال”.

واعتبر ألمو، في تصريح لهسبريس، أن “المؤسسة العمومية التابع لها المرفق المخرَّب يمكنها أن تتقدم كطرف مدني وتطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق بهذا الأخير”، موضحا أن “منسوب تكرار مثل هذه الأفعال يتراجع نسبيا مع مرور الوقت، بعدما كان يتضح بشكل كبير خلال ما مضى، من خلال استهداف مصابيح الإنارة أو ما شابهها”.

وزاد:” هذه المسألة الثقافية تظهر بين الفينة والأخرى مثلا لدى جماهير الفرق الرياضية ممن لديهم نزعة نحو إلحاق الأذى بكل ما يدخل في إطار الملك العام”، مشددا كذلك على أنه “ليس من الصواب تشييد مرفق عمومي دون تعيين مكلّفين بحراسته وضبطه، للحيلولة دون وقوع خسائر ضمنه، ما دام أنه يمكّن مواطنين من قضاء حاجياتهم”.

على النهج نفسه سار عبد المجيد الكوزي، أستاذ بجامعة سيدي محمد بنعبد الله ذو خلفية حقوقية وقانونية، إذ انتصر لـ”ضرورة إعمال الزجر وتطبيق القانون في حق كل من تسول له نفسه الإضرار بالممتلكات العمومية، لكون ما لا يدرك بالقانون يدرك بمزيد من القانون”.

وأفاد الكوزي، في تصريح لهسبريس، بأن “ضمان الصحة والنظافة العامتين لفائدة المواطنين من مسؤوليات المجلس الجماعي، الذي يعتبر رئيسه رئيسا للشرطة الإدارية كذلك”، موضحا أن “مثل هذه الأمور تسائل مدى استعدادانا الحقيقي لاحتضان مناسبة رمزية ككأس العالم في 2030”.

وشدد المتحدث على “كون تخريب ممتلكات عمومية يمس بحق المواطنين في الاستفادة من حقوقهم بالفضاء العام، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق مثلا بالمراحيض العمومية التي توفر النظافة العمومية”، موضحا أن “مسؤولية حماية هذه المرافق ثابتة وتستوجب مكافحة كل توجه نحو الإساءة لها”.

مؤكدا مسؤولية المجالس الجماعية في توفير وتجهيز المرافق العمومية، خصوصا الصحية، لفت المتحدث إلى “ضرورة فتح هذه الفضاءات العمومية وتسهيل ولوج المواطنين إليها، مع حمايتها من كل مظاهر التخريب، وتشديد العقوبات في حق كل من سوّلت له نفسه المساس بها والوقوف وراء عدم استفادة المواطنين منها”.

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.