هل يصمد سد النهضة أمام زلازل إثيوبيا؟.. المسافة والعمق والقوة عوامل حاسمة
كتب- محمد عمارة ومحمد نصار:
حالة من الجدل انتشرت خلال الأيام الماضية تعود إلى ما نشره الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، بشأن عدد الزلازل الكبير والمتتالي التي تتعرض لها إثيوبيا.
ما نشره الدكتورة عباس شراقي، أثار التساؤلات لدى الكثير من المواطنين وأوساط الرأي العام حول تأثير هذا النشاط الزلزالي الكبير على بقاء سد النهضة، وهل هناك ثمة علاقة بين زيادة وتيرة النشاط الزلزالي على نحو غير مسبوق خلال عام 2024 وبدايات 2025 وبين الانتهاء من تخزين 60 مليار متر مكعب من المياه خلف جسم السد؟.
زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا
رصد الدكتور عباس شراقي، تسجل نحو 90 زلزالًا خلال 2024، ونحو 30 زلزالًا منذ بداية يناير 2025.
وبحسب الدكتور عباس شراقي، فإن اللافت للنظر هو زيادة عدد الزلازل منذ الانتهاء من تخزين سد النهضة الأخير لتصل كمية المياه في بحيرة السد نحو 60 مليار متر مكعب.
“شراقي”، قال إن هذه الكمية تولد قوة ضغط هائلة على القشرة الأرضية وهو الأمر الذي قد يكون مرتبطًا بزيادة الهزات الأرضية التي تتعرض لها إثيوبيا، وإن كانت حتى الآن بعيدة بشكل كبير عن منطقة بناء السد.
لكن تكرار الهزات الأرضية بوتيرة أسرع وبقوة آخذة في الازدياد، يشير إلى احتمالية تعرض السد لهزات أرضية على مسافات أقرب وأعماق أقل.
أقوى زلزال خلال العشر سنوات الأخيرة 5.8 درجة
يتوالى النشاط الزلزالي بقوة في إثيوبيا حيث وقع قبل فجر يوم 4 يناير الساعة 2:53 صباحًا بتوقيت القاهرة زلزال بقوة 5.8 درجة على عمق 10 كم في منطقة الأخدود الإثيوبي، وعلى بعد 10 كم شمال بركان دوفن الذي بدأ نشاطه قبل يومين.
وقال “شراقي”، إن هذا الزلزال هو أقوى زلزال حدث خلال العشر سنوات الماضية.
وحذر أستاذ الجيولوجيا، من احتمالية زيادة وتيرة النشاط الزلزالي إلى ماهو أقوى وأن تكون كل هذه السلسلة، إلى جانب النشاط البركاني، مقدمات نحو مزيد من الحمم البركانية، وقد يمتد أيضًا إلى بعض البراكين المجاورة أهمها بركان فنتالي Fentale إلى الجنوب، والذي يحظى بكثافة سكانية كبيرة.
تطور الزلازل الإثيوبية إلى نشاط بركاني
بدأ صباح أمس الأول 3 يناير 2025 نشاط بركان دوفن (منطقة عفار) والذي يقع في منطقة الزلازل المستمرة حاليًا والتي بدأت في 21 ديسمبر الماضي، وبلغت أكثر من 120 زلزالًا بين 4.3 و5.2 درجة على مقياس ريختر.
وتعمل الزلازل بحسب “شراقي”، على مزيد من التشققات والفوالق مما يسمح للماجما أو المحاليل الساخنة من الاندفاع نحو سطح الأرض نتيجة الضغط الشديد وزيادة الأبخرة والغازات في باطن الأرض، حيث تتميز منطقة شرق إفريقيا بما فيه الهضبة الإثيوبية بقرب الماجما من سطح الأرض (40 كم) أكثر من أي مكان في القارة الإفريقية (100 كم)، مما كون الجبال البركانية الإثيوبية وارتفاع بحيرة فيكتوريا إلى 1136 مترًا فوق سطح البحر.
بركان دوفن، هو بركان من النوع الطبقي (متعدد النشاط) يبلغ ارتفاعه 1151 مترًا فوق سطح البحر، و450 مترًا أعلى المناطق المجاورة، ولم يسجل نشاطا كبيرًا من قبل سوى تدفقات حمم بركانية صغيرة من خلال التشققات.
وتضم منطقة الأخدود الإثيوبية حوالي 59 بركانًا تكونوا في العصر الجيولوجي الحديث منذ حوالي 12 ألف سنة، معظمها خامد عدا بركان “إرتا أليه” الذي بدأ نشاطه الحديث منذ 1967 ويزداد نشاطه بين الحين والآخر، ففي عام 2005 حدث انفجار كبير أدى إلى موت 250 رأس من الماشية وأجبر آلاف السكان على الفرار.
هل لسد النهضة علاقة بزيادة الزلازل؟
قال الدكتور عباس شراقي، إن التفسير العلمي الأقرب لهذه السلسلة الزلزالية غير المسبوقة من خلال إحصائيات الزلازل والتركيب الجيولوجي، هو تسرب المياه من بحيرة سد النهضة من خلال التشققات والفوالق (أخدود النيل الأزرق الذي يصل بحيرة سد النهضة بالأخدود الإثيوبي)، وتنشيطها لانزلاق الكتل الصخرية وتكوين الزلازل، وهذا يحتاج إلى مزيد من الدراسات الجيولوجية والزلزالية وحساب كمية المياه المتسربة.
وأضاف أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، أن المكتب الفرنسي BRL كان يفترض أن يقوم بالعديد من الدراسات ولكن إثيوبيا عرقلت القيام بأي من الدراسات المطلوبة.
المسافة بين سد النهضة ومنطقة النشاط الزلزالي في إثيوبيا
تبعد سلسلة الزلازل الأخيرة حوالي 500-600 كم عن سد النهضة، ولا تشكل خطورة في الوقت الحالي، بحسب “شراقي”، الذي قال أيضًا إن أقرب زلزال لمنطقة سد النهضة تم تسجيله في 8 مايو 2023 بقوة 4.4 درجة على مقياس ريختر وكان على بعد 100 كم.
أكثر المناطق التي تشهد نشاطًا زلزاليًا على مستوى العالم
الدكتور شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بمعهد البحوث الفلكية والجيوفزيقية، قال إن هذه المنطقة هي منطقة نشاط زلزالي من ملايين السنين، ومن الممكن أن تحدث براكين وتخمد.
وأضاف “الهادي”، في تصريحات إلى “مصراوي”، اليوم الأحد، أن منطقة عفار أو إقليم عفار يقع في الأخدود الأعظم وهو من أكثر المناطق التي تشهد نشاطًا زلزاليًا على مستوى العالم.
وأوضح أن المنطقة تشهد نشاط مجموعة من الزلازل ثم تتوقف بعد ذلك، حيث امتد هذا النشاط وتحديدًا في العصر الحديث خلال أعوام 2001 ثم 2006 ثم 2010 ثم 2019.
إثيوبيا تسجل مئات الزلازل يوميًا
أشار رئيس قسم الزلازل بمعهد البحوث الفلكية، إلى أن البعض يتحدث عن أن النشاط يسجل 12 زلزالًا في اليوم لكن في الحقيقة تحدث مئات الزلازل يوميًا.
وتابع: نمتلك آلية لمراقبة الوضع عن كثب وهناك شبكة دولية نستقبلها من ضمنها محطات في إفريقيا وداخل إثيوبيا على بعد 180 كم من المنطقة.
منطقة الأخدود الإفريقي وعلاقتها بالنشاط التكتوني
قال “الهادي”، إن منطقة الأخدود الإفريقي جزء من النشاط التكتوني، وهي جزء من تكوين البحر الأحمر الذي يتسع مع الزمن ويحدث صدعًا مع صدع القرن الإفريقي، كما يحدث تركز للنشاط الزلزالي.
تأثير الزلازل على سد النهضة
حول تأثير ذلك على وضع سد النهضة، أشار إلى أن منطقة السد بعيدة عن منطقة وقوع الزلازل، وكلما بعد الزلزال كلما قل تأثيره وقدرته على إلحاق الضرر.
اقرأ أيضًا:
أمطار على 15 منطقة غدًا بينها القاهرة.. والأرصاد تحذر من السيول
وظائف خالية في 4 شركات كهرباء -تفاصيل وتخصصات
تعليقات