Categories: السعودية

سعي ترامب لتحقيق السلام في أوكرانيا سيكون نهاية للناتو

القاهرة (خاص عن مصر)- تعهد دونالد ترامب بالتوسط للسلام في غضون 24 ساعة من توليه منصبه، لإنهاء الصراع المدمر بين روسيا وأوكرانيا. ومع ذلك، فإن افتقاره إلى التفاصيل يثير تساؤلات بالغة الأهمية حول جدوى خطته وتداعياتها على الناتو والاستقرار الدولي والسياسة الخارجية الأمريكية.

عقيدة ترامب: مقامرة دبلوماسية؟

وفقا لتليجراف، يكمن في جوهر مبادرة ترامب للسلام ادعاء جريء: لو كان في منصبه، لما تجرأ فلاديمير بوتين على غزو أوكرانيا. إن اقتراح ترامب، الذي يركز على المحادثات المباشرة مع كل من بوتن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، طموح، ولكنه غامض.

في حين أعربت روسيا عن استعدادها للتفاوض – وإن كان بشروط مواتية – يشير موقف أوكرانيا إلى أن استعادة الأراضي المحتلة من خلال الدبلوماسية مفضلة على الوسائل العسكرية، خاصة بالنظر إلى التكلفة البشرية للحرب.

مع تزايد الخسائر – ما يقدر بنحو 57500 قتيل أوكراني وما يصل إلى 200 ألف قتيل روسي – تتناقض رؤية ترامب للحل السريع بشكل صارخ مع الحقائق القاتمة على الأرض. يزعم الخبراء أن أي تنازل متصور لروسيا من شأنه أن يشجع طموحات بوتين الإقليمية، مما يقوض عزم الناتو والمعايير الدولية.

اقرأ أيضًا: جوهرة الصحراء.. واحة سيوة تفوز بلقب الوجهة الأفضل في أفريقيا والشرق الأوسط 2025

معادلة الناتو: نفوذ ترامب وتماسك التحالف

إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تنذر بتحولات محتملة في ديناميكيات الناتو. تاريخيًا، ينتقد ترامب الإنفاق الدفاعي لحلفاء الناتو، ويتمتع بنفوذ كبير على منظمة تعتمد بشكل كبير على الدعم المالي الأمريكي.

على الرغم من الزيادات الأخيرة في ميزانيات الدفاع ــ حيث تلبي 23 دولة من أصل 31 دولة عضو في حلف شمال الأطلسي الآن هدف 2% من الناتج المحلي الإجمالي ــ فإن تشكك ترامب في التزام أوروبا بالدفاع الجماعي لا يزال قائما.

ويتوافق هذا التشكك مع المخاوف الأوسع نطاقا بشأن الكيفية التي قد تؤثر بها جهود ترامب للسلام على وحدة حلف شمال الأطلسي. والواقع أن التسوية التي يُنظَر إليها على أنها لصالح روسيا قد تؤدي إلى تفتيت التحالف، مما يدعو إلى طرح تساؤلات حول أهميته في المستقبل.

وعلاوة على ذلك، فإن نهج ترامب القائم على المعاملات في السياسة الخارجية قد يجبر الحلفاء الأوروبيين على مواجهة خيارات قاسية بشأن اعتمادهم على الأمن.

الكرملين في أزمة: اليأس أم الاستراتيجية؟

إن الصراع الروسي المطول في أوكرانيا، والذي اتسم بالخسائر الفادحة والاعتماد على المرتزقة الأجانب، يعكس ضغوطا عسكرية. ويؤكد خطاب بوتن حول إعادة رسم حدود أوروبا الشرقية ومغازلة المظالم التاريخية على استراتيجية تشتيت الانتباه وليس القوة.

ومع ذلك، يكشف هذا السرد عن يأس الكرملين. من غير المرجح أن تكتسب المقترحات الخاصة بتقسيم أوكرانيا أو استرضاء بولندا والمجر بالحوافز الإقليمية زخمًا بين حلفاء الناتو أو إدارة بايدن. وبدلاً من ذلك، تسلط هذه المقترحات الضوء على حاجة موسكو للخروج من حرب لم تعد قادرة على تحملها دون عواقب سياسية واقتصادية كبيرة.

شبه جزيرة القرم والنسيج التاريخي للمفاوضات

تلوح مسألة شبه جزيرة القرم في الأفق في أي محادثات سلام محتملة. بعد ضمها من قبل روسيا في عام 2014، فإن التاريخ المعقد لشبه الجزيرة كجزء من أوكرانيا وأهميتها الرمزية للقوميين الروس يعقد دورها في المفاوضات.

وفي حين أن وضع شبه جزيرة القرم قد يكون بمثابة ورقة مساومة، يحذر الخبراء من إضفاء الشرعية على عدوان روسيا من خلال التنازلات الإقليمية.

ساحة المعركة الإيديولوجية: تحول أوكرانيا غربًا

بعيدًا عن النزاعات الإقليمية، يمثل الصراع انقسامًا إيديولوجيًا أعمق. يتناقض تحالف أوكرانيا المتزايد مع المثل الديمقراطية والرأسمالية الأوروبية بشكل صارخ مع استبداد بوتن وحكمه الفاسد. بالنسبة للعديد من الأوكرانيين من أصل روسي، عززت الحرب تفضيلهم لمستقبل موجه نحو الغرب، مما زاد من عزلتهم عن مجال نفوذ موسكو.

يؤكد هذا التباعد الأيديولوجي على مخاطر أي تسوية. إن السماح لروسيا بالإعلان عن انتصار – ملموس أو رمزي – من شأنه أن يقوض سيادة أوكرانيا ويشجع الأنظمة الاستبدادية على مستوى العالم.

التحديات التي تنتظر مبادرة ترامب للسلام

في حين أن خطاب ترامب حول الحل السريع يجذب الجماهير المتعبة من الحرب، فإن الخبراء لا يزالون متشككين في جدواه العملية. إن تحقيق السلام دون المساس بسلامة حلف شمال الأطلسي أو مكافأة العدوان سوف يتطلب دبلوماسية بارعة واستراتيجية واضحة ودعم الحلفاء الدوليين.

وعلاوة على ذلك، يواجه احتمال مبادرة ترامب عقبات كبيرة: إصرار بوتن على شروط مواتية، ومقاومة زيلينسكي للتنازلات الإقليمية، وقلق حلف شمال الأطلسي من تقويض مبادئ الدفاع الجماعي.

مفترق طرق لحلف شمال الأطلسي والاستقرار العالمي

إن الجهود المرتقبة التي يبذلها ترامب للوساطة في السلام في أوكرانيا سوف تختبر حدود النفوذ الأميركي وتماسك حلف شمال الأطلسي. وبينما يتصارع التحالف مع تداعيات زعامته، فقد يتوقف مستقبله على الحفاظ على الوحدة مع معالجة الحقائق المعقدة للصراع الحديث.

في نهاية المطاف، إذا أسيء التعامل مع مبادرة ترامب، فقد تضعف حلف شمال الأطلسي عن غير قصد وتشجع روسيا، وتعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي لسنوات قادمة. وبينما ينتظر العالم الوضوح بشأن رؤيته، فإن المخاطر التي تواجه أوكرانيا وأوروبا والاستقرار العالمي لم تكن أعلى من أي وقت مضى.

ابراهيم الابيض

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.

Share
Published by
ابراهيم الابيض

Recent Posts

في يناير 2026 | موسم الرياض يعلن عن استضافة حدث رويال رامبل للمصارعة وتعليق آل الشيخ

أعلن مساء الأمس في بيان مشترك من اتحاد المصارعة الحرة WWE مع الهيئة العامة للترفيه…

53 ثانية ago

إمام عاشور يتفوق على مسيرته مع الزمالك برقم قياسي جديد مع الأهلي

كتبت حنين جلال:حقق إمام عاشور، لاعب خط وسط النادي الأهلي، إنجازًا جديدًا بعدما سجل هدفًا…

دقيقتان ago

مستشار الشئون الصحية يحذر من فيروس HMPV : يهدد الفئات الضعيفة

أكد الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية والوقائية، أن الفيروس الجديد…

3 دقائق ago

أطعمة لبشرة صحية متوهجة في الشتاء

 في فصل الشتاء، يعاني الكثير من الأشخاص من جفاف البشرة وفقدان إشراقتها. السبب الرئيسي في…

5 دقائق ago

عودة دغموم وغياب العراقي عن المصرى أمام إنيمبا بالكونفدرالية

يلتقى نادى المصري البورسيعدي نظيره فريق إنيمبا النيجيري في الجولة الخامسة من دور المجموعات بالنسخة…

9 دقائق ago

بمناسبة بداية عام جديد.. إيداع 700 ريال في حسابات هذه الفئة من المواطنين!!! التفاصيل من هنا

تداولت العديد من المواقع الإخبارية عن إيداع 700 ريال في حسابات هذه الفئة من المواطنين…

10 دقائق ago