أكدت ورقة بحثية تحت عنوان “دور رقمنة الخدمات الصحية في تحسين منظومة الحماية الاجتماعية”، صادرة ضمن عدد خاص من “المجلة المغربية للدراسات القانونية والاقتصادية”، أن “استخدام التكنولوجيا في المجال الصحي أمر لا غنى عنه للرفع من الجودة الصحية؛ نظرا لما توفره من إمكانية تخزين المعلومات وتصنيفها حسب معايير عديدة، وجمع الإحصائيات وإجراء الاستقراءات والبرمجة بشكل سريع، وهو ما يساعد في اتخاذ القرار الصحيح الأقرب للموضوعية في أقصر مدة زمنية ممكنة، وتوزيع القرار على الهياكل التنفيذية العمودية بسرعة”.
وأوضحت الورقة، التي كتبتها الباحثة خديجة المنبر، أن “تبني الإدارة الإلكترونية في القطاع الصحي يؤدي إلى إدارة بلا أوراق؛ وهذا يسهم في التقليل من استخدام الورق واعتماد وسائل أخرى كالأرشيف الإلكتروني، وهذا من شأنه أن يساعد على تخزين أكبر للمعطيات دون الحاجة إلى أماكن التخزين التقليدية”.
وأضافت الباحثة أن “رقمنة القطاع الصحي تتيح إمكانية القيام بالعمليات الإدارية في أي وقت دون انتظار مواعيد العمل الرسمية للإدارة، وإمكانية الطبيب كذلك متابعة عمله خارج نطاق العمل الإداري”، مشيرة إلى أن قيمة صادرات الصحة الإلكترونية بلغت قرابة 80 مليار دولار أمريكي في سنة 2017، مبرزة أن الصحة الرقمية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات الضخمة والسجلات الصحية الإلكترونية والرعاية الصحية عن بُعد تسهم في تحسين جودة الخدمات ومتابعة الأوبئة وحصرها جغرافيا وديموغرافيا إضافة إلى تشخيص حالات المرضى ومتابعتها ومعالجتها بشكل أدق.
وحول معيقات تطبيق الرقمنة في القطاع الصحي، أشارت الوثيقة ذاتها إلى المعيقات الإدارية المرتبطة بمجموعة من العوامل؛ من أبرزها “سيطرة المفاهيم البيروقراطية على أجواء العمل الإداري وعدم التمكن من تجاوزها أو الحد من تأثيرها”، إضافة إلى معيقات تتعلق بالبنية التحتية.
وفي هذا الصدد، أبرزت الورقة البحثية أن “التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2019 و2020 وجه انتقادات عديدة إلى النظام المعلوماتي لوزارة الصحة، واصفا إياه بكونه يفتقد إلى الفعالية والاندماج، كما وصف البرامج المعلوماتية بعدم التجانس وعدم التوافق وضعف الاستغلال”.
في سياق مماثل، أوضحت الورقة أن تقريرا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ذكر أنه “على مستوى قطاع الصحة، لا تسمح الأدوات الرقمية المتوفرة للأطباء حتى الآن بممارسة أنشطتهم بشكل كامل؛ وذلك بسبب الإكراهات التكنولوجية والإدارية التي يواجهونها”، مضيفة أن “المنظومة الصحية تعاني، بشكل كبير، من نقص في الحضور الفعلي للطاقم الطبي المعالج في المستشفيات، وكذلك من انعدام ملفات طبية مرقمنة خاصة بالمرضى”.
وفي معرض استعراضها للمعيقات البشرية والمالية في هذا الصدد، أبرزت الورقة أنه “فيما يتعلق برهان النهوض الرقمي بالقطاع العام، وضمنه القطاع الصحي، لم نلاحظ بعد انزياحا بما يكفي عن المنطق السابق في التعامل مع الموظفين من منطلق المأمورين التابعين. لذلك، من الطبيعي أن تصطدم المبادرات العمومية للتحول الرقمي بممانعة ثقافية ونفسية من قبل المعهود إليهم تنفيذ السياسات والبرامج”، مشيرة أيضا إلى أن “النقص في الموارد البشرية المؤهلة للتعامل مع العصر الرقمي يعد من أهم المعوقات التي تواجه المنظمات عند ممارستها للتكنولوجيا الحديثة”.
وخلصت إلى أن “رقمنة القطاع الصحي تعد أمرا ضروريا باعتبارها دافعا للنمو والاستمرار من جهة، ولتحسين الخدمات المقدمة من جهة أخرى”، مبرزة أن “السياسات الصحية الوطنية ظلت منذ عقود، مركزيا، تشغل الفاعلين المؤسساتيين؛ فبقدر ما عمل المديرون العامون على بذل الجهود للاستجابة للانتظارات وتعبئة كل الإمكانيات التشريعية والمؤسساتية والمالية من أجل ذلك، بقدر ما بقيت الفجوة متسعة بين التطلعات والإنجازات”.
تعليقات