شهدت مصر حادثة مأساوية هزت الرأي العام مؤخرًا بعد انتحار الطالبة ريناد، التي لم تتجاوز الـ14 عامًا، نتيجة تعرضها المستمر للتنمر من زملائها في المدرسة.
سلط هذا الحادث الضوء مجددًا على قضية التنمر وآثاره النفسية الخطيرة على الأطفال والمراهقين، ومدى تأثيره في دفع بعضهم إلى إنهاء حياتهم.
التنمر وأبعاده النفسية على الاطفال والمراهقين
يعتبر التنمر ليس فقط مجرد سلوك عدائي عابر، بل هو ظاهرة اجتماعية تتضمن ممارسات عدوانية تستهدف الإهانة والإقصاء.
تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر المستمر يعانون من تدني الثقة بالنفس، القلق، الاكتئاب، والعزلة، مما يزيد من احتمالية تطور مشاعر اليأس لديهم، وأحيانًا قد يؤدي إلى التفكير في الانتحار.
حالة ريناد… مأساة تدق ناقوس الخطر
وصفت أسرة ريناد ، أنها فتاة مرحة ومتفوقة دراسيًا، بدأت تظهر عليها علامات الضيق النفسي بعد تعرضها لسلسلة من الإهانات والسخرية من زملائها بسبب مظهرها .
حاولت الأسرة للتدخل والحديث مع المدرسة، وعلى الرغم من ذاك إلا إن غياب إجراءات صارمة لمعالجة التنمر أدى إلى تفاقم الوضع، ما دفعها في النهاية إلى اتخاذ قرارها المؤلم.
الدكتور جمال فرويز: المراهقون العصبيون أكثر عرضة للتفكير في الانتحار بسبب التنمر
وأوضح الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، الشخصيات العصبية، تجعلهم أكثر عرضة للتفكير في الانتحار.
ولفت استشاري الطب النفسي في تصريح خاص لموقع «الحرية»، إلى أن هذه الفئة تنظر إلى الموت باعتباره الحل الوحيد للتخلص من معاناتها في مثل هذه الأوقات.
وأشار “فرويز” إلى أن غياب التواصل الأسري يزيد من حدة هذه المشكلة، مؤكدًا أن تأثير التنمر يختلف بين الأشخاص؛ فالشخصيات العصبية أكثر عرضة للتفكير في الانتحار مقارنةً بالشخصيات الأخرى التي تكون حدة هذا التفكير لديها أقل.
وأضاف أن تعزيز العلاقات الأسرية يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليل هذه المشكلات ومساعدة الأطفال والمراهقين على مواجهة التنمر بمرونة نفسية أكبر.
أرقام مخيفة في تقارير منظمة الصحة العالمية
وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، يعتبر التنمر أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في زيادة معدلات الانتحار بين الأطفال والمراهقين.
وتشير الإحصائيات إلى أن 30% من الطلاب حول العالم تعرضوا لشكل من أشكال التنمر خلال مراحلهم الدراسية، أما في مصر، فإن غياب توثيق دقيق للحالات يجعل من الصعب تحديد حجم المشكلة بشكل كامل.
تعتبر حالة ريناد جرس إنذار لكل أفراد المجتمع، فكل طفل يستحق أن يعيش في بيئة تحميه من العنف النفسي، وبالعمل المشترك، يمكننا الحد من هذه الظاهرة وإنقاذ الأطفال من الوقوع ضحايا للتنمر وآثاره الكارثية.
تعليقات