قمة عمانية بحرينية فى مسقط

قمة عمانية بحرينية فى مسقط

تمثل العلاقات بين سلطنة عمان ومملكة البحرين نموذجاً فريداً للتعاون الثنائى على الصعيدين الخليجى والعربى، حيث تعكس هذه العلاقات المميزة عمق الروابط التاريخية والسياسية التى تجمع البلدين. وقد تطورت هذه العلاقات بشكل مستمر فى ظل القيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق والملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، حيث شهدت العلاقات الثنائية تطوراً ملحوظاً بفضل الرؤية السديدة لقائدى البلدين، اللذين أوليا اهتماماً كبيراً لتعزيز الروابط الثنائية، ليس فقط فى الإطار الخليجى، بل أيضاً على المستويين العربى والدولى. وأحدثت اللقاءات التى جمعت القيادتين نقل نوعية فى العلاقات الثنائية، وأكدت حرصهما على الدفع بعجلة التعاون لتحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز الدور الريادى لدول الخليج العربى فى حفظ الأمن والاستقرار والسلام.

وتشكل زيارة الدولة التى قام بها العاهل البحرينى، التى التقى خلالها السلطان هيثم، فرص جديدة للدفع بالعلاقات العمانية البحرينية إلى آفاق أرحب، حيث تعد السلطنة والبحرين شريكين استراتيجيين فى دعم التكامل الخليجى، ويمتلكان طموحاً كبيراً لتنويع الاقتصاد من خلال التركيز على قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية، والسياحة، وغيرها من القطاعات التى تملك الدولتان مقومات قوية فيها، بالإضافة إلى تعزيز قطاعيهما المالى والصناعى. وبفضل دعم القيادتين، تتسارع الخطوات نحو تحقيق شراكات استثمارية متكاملة تشمل مشاريع حيوية، مثل تطوير الموانئ العمانية وربطها بالتجارة الخليجية. هذه المبادرات الاقتصادية التى تحمل بصمة القيادتين تظهر رؤية استراتيجية نحو تحقيق نمو مستدام ومواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
وتأتى الزيارة وسط وضع إقليمى وعالمى استثنائى، ما يجعلها محط ترقب كبير. وتؤدى سلطنة عمان والبحرين دوراً محورياً فى تعزيز الاستقرار فى منطقة الخليج، حيث تتميز السياسة العمانية بالحكمة والحياد والوساطة، وتتقاطع مع التوجه البحرينى الداعم للأمن الجماعى ومواجهة التهديدات، وأكدت المباحثات التى جرت بين القيادتين العمانية والبحرينية على توافق الرؤى بينهما، وتأكيدهما على أهمية تعزيز منظومة مجلس التعاون الخليجى وزيادة فاعليته فى التصدى للتحديات الأمنية، وعلى رأسها حماية الممرات البحرية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن الغذائى، وعدد من الملفات المشتركة الأخرى، فهذا التناغم الإقليمى يعكس ثقل القيادتين على الساحة الخليجية والعربية، ويبرز دورهما كركيزة رئيسة لاستقرار وأمن المنطقة.
أما فى الجانب الثقافى والاجتماعى، فقد حرصت القيادتان على ترسيخ القيم المشتركة التى تجمع شعبى البلدين من خلال مبادرات مشتركة تعزز الهوية الخليجية، مثل التعاون فى مجالات التراث، والثقافة، والتعليم، وتعمل على تحقيق تقارب أكبر بين الشعبين، وتعزيز الشعور بالانتماء الخليجى المشترك. هذه الجهود التى يقودها سلطان عمان وملك البحرين، تسهم فى بناء مجتمع خليجى متماسك وقادر على مواجهة تحديات العصر مع الحفاظ على هويته وأصالته. فالعلاقات العمانية البحرينية تجسد نموذجاً يحتذى فى التعاون الثنائى والإقليمى، من خلال التركيز على المصالح المشتركة، ودعم الأمن والاستقرار، وتعزيز الهوية الثقافية، وتظهر هذه العلاقات كيف يمكن لدول الخليج أن تؤدي دوراً محورياً فى تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة والعالم.

ورغم العلاقات التاريخية والعميقة بين عمان والبحرين الممتدة عبر الأزمنة فإن تعميقها وتحويلها إلى مسار اقتصادى واستثمارى أصبح ضرورة ملحة، وليس هذا بين عمان والبحرين فقط، ولكن بين دول الخليج بعضها وبعض وبين الدول العربية كذلك، فالاستثمارات العربية أولى بها الدول العربية بل إن الأمر تحول إلى خيار استراتيجى وأمن عربى.
ولا بد أن تستند العلاقات الخليجية الخليجية والعربية العربية إلى رؤية استراتيجية تتجاوز المصالح الاقتصادية إلى تعزيز الترابط السياسى والاجتماعى بين الدول؛ فالدبلوماسية الاقتصادية، القائمة على تبادل المصالح وتنمية المشاريع المشتركة، يمكن أن تكون أداة فعالة لتحقيق هذا الهدف. وفى هذا السياق، يعد إنشاء صناديق استثمارية مشتركة وتفعيل اتفاقيات التجارة الحرة خطوتين أساسيتين لتحقيق تكامل اقتصادى حقيقى.
وتبقى زيارة ملك البحرين إلى سلطنة عمان وعقده قمة مع السلطان هيثم بن طارق فرصة ليتحدث أهل الخليج عن طموحاتهم من الزيارة التى يرون فيها تنامى العلاقات العربية العربية ويرون أيضاً فى العلاقات العمانية البحرينية النموذج الذى يمكن أن تقتفيه العلاقات العربية العربية.
عمان والبحرين توقعان 25 مذكرة تفاهم وبرنامجاً تنفيذياً فى مجالات متعددة
وقعت سلطنة عمان ومملكة البحرين فى فندق قصر البستان على 25 مذكرة تفاهم واتفاقية وبرنامجاً تنفيذياً، شملت المجالات الثقافية والعلمية والاجتماعية والصحية والإعلامية والمالية والاقتصادية والأمن الغذائى والعمل البلدى والأرصاد وغيرها من المجالات؛ فى إطار زيارة «دولة» يقوم بها الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين لسلطنة عمان.
وشملت مذكرات التفاهم التوقيع على مذكرة فى المجال الصحى بين وزارة الصحة ونظيرتها بمملكة البحرين، ومذكرة فى مجال الإعلام بين وزارتى الإعلام فى كلا البلدين الشقيقين، ومذكرة تفاهم فى مجال العمل وتنمية الموارد البشرية بين وزارتى العمل فى البلدين، ومذكرة تفاهم فى مجال الإنتاج والتنمية الزراعية والحيوانية والأمن الغذائى بين وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ووزارة شئون البلديات والزراعة بمملكة البحرين، ومذكرة تفاهم فى المجال التربوى والتعليمى بين وزارتى التربية والتعليم فى كلا البلدين.
كما شملت مذكرات التفاهم التوقيع على مذكرة فى مجال الأرصاد الجوية بين هيئة الطيران المدنى ووزارة المواصلات والاتصالات البحرينية، ومذكرتين فى مجالى الأوقاف والزكاة بين وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف بمملكة البحرين، ومذكرة فى مجال الإدارة العامة بين الأكاديمية السلطانية للإدارة ومعهد الإدارة العامة فى مملكة البحرين، ومذكرة فى مجال بناء القدرات لمكافحة الاتجار بالأشخاص بين اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر وهيئة تنظيم سوق العمل البحرينية.

وتضمنت مذكرات التفاهم التوقيع على مذكرة فى مجال التأمينات والحماية الاجتماعية بين صندوق الحماية الاجتماعية وهيئة التأمينات الاجتماعية بمملكة البحرين، ومذكرة فى مجال تنظيم المعارض والمؤتمرات بين وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وهيئة البحرين للسياحة والمعارض، ومذكرة فى مجال ترويج الاستثمار ومذكرة فى مجال الملكية الفكرية ومذكرة فى مجال القطاع الصناعى ومذكرة فى مجال تحليل ودمغ المعادن الثمينة وفحص الأحجار ذات القيمة، وقعت عليها كل من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ووزارة الصناعة والتجارة بمملكة البحرين.
ووقع الجانبان على اتفاقية إزالة الازدواج الضريبى بين جهاز الضرائب والجهاز الوطنى للإيرادات البحرينى، ومذكرة تفاهم فى مجال الاستثمار بين جهاز الاستثمار العمانى وشركة ممتلكات البحرين القابضة «ممتلكات»، ومذكرة تفاهم فى مجال الأمن الغذائى بين شركة «نتاج» بسلطنة عمان وشركة «غذاء» بمملكة البحرين، ومذكرة تفاهم فى مجال إنشاء وتطوير وإدارة المناطق الاقتصادية والصناعية بين الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة ووزارة الصناعة والتجارة البحرينية، ومذكرة تفاهم فى مجال البورصة بين بورصتى مسقط والبحرين.
كما وقع البلدان الشقيقان على 4 برامج تنفيذية فى مجال ضمان جودة التعليم المدرسى بين هيئة الاعتماد الأكاديمى وضمان جودة التعليم، وهيئة جودة التعليم والتدريب بمملكة البحرين، ومجال العمل المتحفى بين المتحف الوطنى ومتحف البحرين الوطنى، والعمل البلدى لعامى (2025-2026) وقعت عليه كل من وزارة الداخلية ووزارة شئون البلديات والزراعة بمملكة البحرين، ومجالى الكهرباء والطاقة المتجددة بين وزارة الطاقة والمعادن ووزارة شئون الكهرباء والماء بالبحرين.
وأكد بدر بن حمد البوسعيدى، وزير الخارجية، أن مذكرات التفاهم والاتفاقيات والبرامج التنفيذية الموقعة بين الجانبين تشمل العديد من مجالات التعاون وستترجم إلى واقع ملموس، مشيراً إلى أن وزارتى خارجية البلدين الشقيقين ستعملان على متابعة مسار تنفيذ ما تم التوقيع عليه فى المرحلة القادمة.

من جانبه أشار الدكتور عبداللطيف بن راشد الزيانى وزير الخارجية البحرينى إلى أن التوقيع على هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية تعكس روح التكامل والتعاون بين البلدين الشقيقين فى كل المجالات، مشيداً بالعلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين وما تحظى به من دعم مستمر من قيادتى البلدين.
 

خريج كلية الإعلام جامعة الإسكندرية عام 2012، متخصص في الصحافة التقنية والترفيهية، شغوف بمتابعة أحدث الابتكارات وقصص الإبداع في عالم التكنولوجيا والفنون.