تجاوبًا مع حاجة شبابية خالصة ومطلب “سياسي واجتماعي” رُفع منذ سنوات بالمغرب، ترأس محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، اليوم الاثنين بالرباط، حفل تعميم خدمات “جواز الشباب” على الصعيد الوطني في حفل رسمي بحضور عدد من الوزراء والمؤسسات العمومية والخصوصية الشريكة؛ وذلك بعد أن خضعت هذه الخدمة للتجريب في مدينتي الرباط وسلا.
وخلال الحفل المنعقد بفضاء شالة الأثري، تم عرض الخدمات التي يستفيد منها الشباب المغربي أقل من 30 سنة؛ كتعلم اللغة الأمازيغية، وتقاسم الرأي عبر التطبيق حول مجموعة من القضايا، وولوج المآثر التاريخية بالمجان، والاستفادة من ولوج صالات العرض السينمائي والتنقل بتخفيضات مشجعة. كما تم تطوير المنصة عينها باللغات الدستورية كالعربية والأمازيغية وكذا الفرنسية والإنجليزية، وتمكينها من التعاطي عبر “واتساب” مع انتظارات الشباب المستفيدين.
الوزارة كشفت أنه يوجد، اليوم، “أزيد من 250 ألف شابة وشاب مسجلين اليوم في تطبيق جواز الشباب، وعدد كبير يستعلمون خدمات ثقافية رياضية ترفيهية بفضله”، موردة أن هذه الخدمات كانت في مدينتي الرباط وسلا، اليوم تصير شاملة لجميع مدن المملكة، “عبر توسيع نطاق الوصول إلى الثقافة والرياضة والنقل والتكوين والصحة والعديد من الخدمات الأساسية الأخرى” بفضل “الشراكة بين قطاع الشباب والمجالس الجهوية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص”.
“حلم مغربي”
محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، قال إن الرؤية الملكية “تهدف إلى توحيد الخدمات المقدمة للشباب في إطار موحد ومتكامل”، مضيفا أنه انطلاقا من هذه الرؤية تم الاشتغال “طيلة ثلاث سنوات، على بناء الثقة بين الشباب والمؤسسات، وجعلهم قادرين على إبهار العالم من خلال الإيمان بالحلم المغربي”.
ووضح الوزير الوصي على قطاع الشباب، وهو يعلن انطلاق التعميم، أن “هذه العملية كانت عبر جواز الشباب، الذي انطلق قبل ثلاث سنوات من الرباط”، مبرزا أنه اليوم “تبدأ مرحلة مهمة” في ما أسماه “التزامنا مع الشباب المغربي”.
وزاد المسؤول الحكومي عينه: “جواز الشباب ليس فقط آلية تتيح خدمات؛ ولكنها إجابة على انتظارات وتطلعات ملايين الشباب المغربي، وإدماجهم اقتصاديا وتوحيد السياسات العمومية لصالحهم وجعلهم مساهمين في تنمية بلادنا وتطوير اقتصادها”.
وقال بنسعيد إن “جواز الشباب لديه أثر اقتصادي، عبر الخدمات المقدمة في عدد من المجالات منها القطاع البنكي، ذلك أن الولوج إلى الخدمات البنكية عبر الجواز سيمكن شباب البلد من حياة اقتصادية أفضل وتحسين مستوى المعيشة وإمكانية استغلال عدد من الفرص”، موضحا أن “الهدف هو الوصول إلى 2,6 ملايين شاب بحلول سنة 2026 علما أن هذا المشروع يستهدف 8,5 ملايين شابة وشاب”.
وتعهد المسؤول الحكومي بعدم الكف عن “تطوير هذه المبادرة وفقا لاحتياجات الشباب في جميع جهات المملكة”، موضحا أن بلوغ هذه المحطة “لم يكن ممكنا لولا شركائنا الحكوميين، المجالس الجهوية، المؤسسات والمقاولات العمومية والقطاع الخاص”، كما دعا إلى “مشاركة أوسع للمؤسسات العمومية والخصوصية في بناء الحلم المغربي”.
وتابع شارحا: “اشتغلنا على مرحلة تجريبية بمدينتي الرباط وسلا شمل مجالات النقل والثقافة والرياضة والنتائج كانت جيدة”، معتبرا أن ما وصفه بـ”النجاح الذي تحقق خلال المرحلة التجريبية دليلٌ على الثقة المتبادلة بين الشباب والمؤسسات”، وأورد: “ونحن عازمون على مواصلة العمل مع شركائنا لتطوير هذا الجواز وتحقيق المزيد من الإنجازات، بهدف تمكين الشباب من المساهمة بفعالية في بناء مجتمع قوي ومتجانس”.
“مكسب شبابي”
عز العرب حلمي، منسق برامج في حركة المواطنُون، بعث رسالة واضحة إلى الفاعلين الحكوميين المقبلين كي “يحافظوا على استدامة واستمرارية المشروع”، مشيرا إلى “مشكلة” تعتري التدبير الحكومي والعمومي في المغرب؛ وهي أن “كل مسؤول وزاري جديد يحاول أن يعيد النظر في بعض المشاريع المنتمية إلى الولاية الحكومية السابقة”، وزاد: “هذا مكسب شبابي لا بد أن نسانده ونحافظ عليه”.
وتفاعلا مع سؤال هسبريس بخصوص ما وصفه الوزير بنسعيد بأنه “يخدم الحلم المغربي” أمام غياب الثقة التي كشفت عنها أحداث الهروب الكبير بالفنيدق، قال حلمي إنه “في مناخ يشهد عزوف الشباب عن المشاركة سواء المواطنة أو السياسية، وينتعشُ ضعف الثقة في المؤسسات واتساع الهوة والمزيد من المشاكل الاجتماعية نجد أن مشاريع من هذا النوع تمنح أملا بأن التغيير ممكن، وأن ما نحتاجه فقط هو إرادة الموجودين في مجال اتخاذ القرار”.
وأورد المتحدث عينه أنه “لا بد من منح الأمل للشباب المغربي”، مشيرا إلى أنه في المبادرة الشبابية التي ينسقها تعقد لقاءات متواصلة مع الشباب، وأورد كثير منهم تساؤلات عن هذه التجربة ومتى ستكون معممة، فالنقاش حول هذا البرنامج كان حاضرا”، وزاد: “نعتبره تقدما حقيقيا على مستوى تقريب الشباب من مجموعة من الخدمات خصوصا في سياق عالمي مُعولم يتوفر فيه الكل على هاتف محمول يسعفه في الإبحار داخل شأن مختلف الأقطار؛ لهذا نعده جوابا على إشكالية جد مهمة للشباب ويسهل ولوجهم لمجموعة من المرافق والخدمات”.
وصادفت هسبريس مجموعة من الشباب المستفيدين من التطبيق على مستوى مدينتي الرباط وسلا، فأكدوا “استفادتهم الفعلية من مجموعة من التسهيلات والخدمات التي تشعرهم بالتمييز الإيجابي كفئة حاملة لمستقبل البلد”، مبرزين أن “وصولها إلى مناطق أخرى على مستوى التراب الوطني يقرّبها من شباب كل المدن المغربية”، على أن توجد “حلول إضافية” لفائدة شباب “المدن الهامشية” التي “لا تتوفر على الكثير من المرافق التي تقدم هذه الخدمات”.
يذكر أن جواز الشباب “هو تطبيق مجاني مخصص حصريا للشباب المغاربة والأجانب المقيمين في المغرب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 سنة”، ويشير الموقع الرسمي للتطبيق إلى أنه “يقدم تخفيضات وعروضا مجانية وامتيازات أخرى لتمكين الشباب من الاستفادة من العديد من الخدمات الثقافية والرياضية وكذا خدمات التنقل والإقامة، وخدمات أخرى، في جميع أنحاء التراب الوطني”.
تعليقات