تقنين وتسوية وضعية قطاع النقل السري يجُرّان انتقادات المهنيين في المغرب

تقنين وتسوية وضعية قطاع النقل السري يجُرّان انتقادات المهنيين في المغرب

أثارت مضامين جواب كتابي لوزارة النقل واللوجيستيك، في عهد الوزير الحالي عبد الصمد قيوح، بشأن “تقنين وتسوية وضعية النقل السري وإمكانية تحويله إلى القطاع المهيكل”، انتقادات قوية رافضة لهذا التوجه. وتضمن الجواب أن “وزارة النقل واللوجيستيك تبقى، من خلال لجنة النقل، منفتحة على البت ومنح رخص النقل المزدوج بناءً على محاضر اللجن الإقليمية للنقل لتلبية حاجيات المواطنات والمواطنين من التنقل”.

كما أفاد الجواب، الصادر بداية يناير الجاري، أنه “يمكن لأرباب وأصحاب سيارات النقل السري تسوية وضعيتهم لمزاولة نشاطهم في إطار منظم عبر تقديم ملفات طلبات الحصول على رخص استغلال خدمات النقل المزدوج بالإقليم الذي يزاولون به”، وهي نقطة أثارت حفيظة نقابيين مهنيين في قطاع النقل الطرقي للأشخاص.

ومن خلال الوثيقة، التي طالعتها هسبريس، جددت الوزارة الوصية الرمي بمسؤولية “محاربة النقل السري والمزدوج” إلى ملعب السلطات الترابية في الجهات والأقاليم، داعيةً الولاة والعمال إلى “العمل على دراسة دقيقة لمسارات الرخص المقترحة على أنظار لجنة النقل من أجل الرفع من مردوديتها واستجابتها للحاجيات السوسيواقتصادية لساكنة العالم القروي، والرفع من وتيرة اجتماعات اللجن الإقليمية لدراسة طلبات الترخيص المقدمة من طرف المرتفقين، وكذا دراسة إمكانية توسيع مشاركة جميع أنماط النقل العمومي في اللجن الإقليمية، بما فيها ممثلو النقل المزدوج، وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 21 مكرر من الظهير الشريف رقم 1.63.260”.

كما سجلت “مواصلة التنسيق مع وزارة الداخلية، في إطار تنزيل ورش الجهوية، من أجل مواكبة المجالس الجهوية حتى تقوم باختصاصاتها الذاتية في مجال النقل… ومعالجة موضوع النقل والتنقلات بغية توفير حلول نقلية مناسبة تحترم القوانين المعمول بها في مجال النقل الطرقي الجماعي للأشخاص، وتراعي الخصوصيات الجهوية والمحلية، كما تصون سلامة وصحة المواطنين أثناء عملية النقل”.

“رفض تام”

مصطفى الكيحل، الأمين العام للاتحاد الديمقراطي للشغل- قطاع النقل الطرقي، قال إن “مديرية النقل عبر الطرق بالوزارة الوصية كانت قد اجتمعت، قبل التعديل الحكومي الذي شمل رأس وزارة النقل، مع الهيئات المهنية والنقابية الممثلة للقطاع لمناقشة المشاكل التي يطرحها النقل المزدوج ورخص استغلاله خارج المدن، أي في مناطق قروية أساسا”، مؤكدا أنه “لم تُطرح بتاتاً إمكانية تقنينه بالصيغة الواردة في جواب الوزير الجديد قيوح”.

وأوضح الفاعل النقابي في قطاع النقل الطرقي للأشخاص، في تصريحه لهسبريس، أن “تجويد الخدمات يقتضي استكمال ما اتُّفق عليه في عهد الوزير السابق، وليس العمل على الدعوة إلى تسوية وضعية النقل السرّي، الذي ما زال يتسبب في إشكالات قوية من حيث سلامة المواطنين وظروف نقلهم”، مستحضرا مآسٍ سابقة راح ضحيتها العشرات، خاصة حادثة إقليم أزيلال العام الفائت.

وأضاف أن “وزارة النقل كانت قد طرحت خيار تحرير القطاع عن طريق البيع النهائي لاستغلال رخصة الاستغلال، لكن ذلك قد يزيد من الريع المتجذر الذي يعانيه المهنيون”، مثيرا إشكالية “تحديد المهني المزاول”، التي يجب حصرها عبر نصوص تنظيمية وقانونية صارمة.

وأبرز أن “الجودة تعادل أيضا العمل على تعديل النصوص المؤطرة للنقل العمومي الطرقي للأشخاص، خاصة أن أغلب الظهائر والنصوص متقادمة”، قبل أن يضيف “وجّهنا رسالة باسم هيئات نقابية إلى الوزير قيوح، وننتظر أن يحدد لنا اجتماعا لتدارس إشكاليات القطاع”.

“توحيد” المعايير

ورغم أن المغرب اعتمد رسميا، سنة 2013، “دفتر التحملات لتأطير استغلال خدمات النقل بالعالم القروي وتحديد شروط استغلال هذا النوع من النقل”، فإن عزيز برهمي، خبير في النقل واللوجستيك وأستاذ باحث بجامعة ابن طفيل، أبرز أن الوزارة ما زالت تعُوزُها الإرادة الحقيقية نحو هيكلة القطاع من خلال التوفر على سياسة قطاعية في مجال خدمات النقل، خصوصا بالنسبة للأشخاص”.

وأكد الخبير المختص في مجال النقل، في تصريح لجريدة هسبريس بعد اطّلاعه على جواب الوزير حول “محاربة النقل السري”، استعجالية مطلب “صياغة دفتر تحملات موحد على الصعيد الوطني للاستفادة من رخص النقل بالعالم القروي”. وأضاف أن ذلك من مسؤولية الوزارة عبر توحيد معايير السلامة والجودة”، رافضاً بذلك رمي المسؤولية عن ذلك إلى المسؤول الترابي.

وأبرز أن “تحيين دفتر التحملات الموحد وطنياً يجب أن يتضمن بوضوح تحديدَ المعايير الوطنية للجودة والسلامة في خدمة النقل بالعالم القروي”، مشددا على أهمية “مَنح الأسبقية لشركات متخصصة في مجال النقل من أجل إرساء هيكلة حقيقية في القطاع تقطَع مع صيغة تسوية الوضعية لأرباب النقل السري”.

خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2010، متخصص في الصحافة الثقافية والاجتماعية، شغوف برصد القصص الملهمة وتسليط الضوء على نجاحات الأفراد والمجتمعات.